الاتحاد الافريقي و مهمة السيد/ موسى فقيه محمد/ الشائكة
( بقلم / الشيخ أبن عمر ، مترجم عن الفرنسية في مجلة « أفريك آزي » الشهرية، عدد مارس 2017م
Pour lire le texte original en français cliquer sur ce lien
أمام رئيس اللجنة الافريقية الجديد، مسؤوليات هائلة، حيث جعبته مثقلة بمعوقات فادحة؛
المحلل الافريقي « فكتور امبونقنق » قد عبر عن العقبات الثقيلة التي على عاتق أي رئيس للجنة الاتحاد الإفريقي ، بصورة المصارع ذي اليدين المصفودتين، أما انا، سأضيف صورة أخرى ، و هي صورة المقاتل المحمل بحقيبة ثقيلة و متعددة المحتويات.
تحتوي تلك الحقيبة على العقبات البنيوية المعروفة المتمثلة في محدودية الصلاحيات و الاتكال على اطراف اجنبية في تغطية الميزانية، و حق الفيتو الذي يتمتع به رؤساء الدول الأعضاء، و التعقيدات البروقراطية، و المفاهيم الضبابية … إلخ، و كذالك الصعوبات المرحلية المتمثلة في الأزمات الأمنية و الأقتصادية و السياسية المتمخضة عن انسداد الأفق امام الشباب و عن المسرحيات الانتخابية المبكية و المضحكة في آن واحد
« أما بالنسبة للرئيس الجديد، التشادي، هناك اثقال إضافية في الحقيبة، منها الرمزي و منها ما يمكن و صفه « بالبيولوجي
من الناحية الرمزية، فإن تعيين السيد /موسى فقيه محمد/ فسره البعض كمكافئة للنشاط العسكري التشادي. فالمفارقة هنا، ان سياسة الرئيس/ ادريس دبي اتنو/ العسكرية، تجلب المدائح من الخارج، و لكنها تنعكس سلبا في الداخل، بما تسببه من تفاقم الازمة المالية، و استحالة التداول الديموقراطي، و قمع الحراك الشعبي، بما يتعارض و الميثاق الافريقي لأجل الديموقراطية و الإتخابات و الحوكمة
و من سوء الطالع ان الإحتفالات الباذخة التي قام بها الحزب الحاكم لتخليد هذا الإنجاز في الاتحاد الإفريقي، قد تزامنت مع احياء الذكرى التاسعة لإختفاء البروفسور/ إبن عمر محمد صالح/، زعيم المعارضة الذي تم إختطافه في فبراير 2008م، ومع ذكرى إغتيال الشاب /اباشو حسن ، اثناء الإحتجاجات على إغتصاب الطالبة / زهورة/. حيث ان احد أبناء السيد/موسى فقيه /كان من ضمن المشتبه في ضلوعهم في هذه الجريمة. مما فجر حملة إعلامية شرسة عبر الانترنيت ضد الوالد، نيابة عن الإبن، دون مراعاة مبدأ « كل متهم بريء حتى تثبت إدانته ». غير ان هذا العبء البيولوجي يتجاوز الرابط الأبوي. ذالك و ان رئيس اللجنة الافريقية المنتخب ، من ناحية والده، ينتمي إلى عشيرة الرئيس التشادي، حيث ان كثيراَ من التشاديين يعتقدون ان هذه الميزة الاسرية هي المبرر الحقيقي وراء القفز المدهش للسيد /موسى فقيه / الى قمم السلم الإداري، و إطالة وجوده في الحكومة
بالرغم عن تصريحات الرئيس /دبي إتنو/ النافية للقبلية، واقع الحال هو ان جميع قيادات المؤسسات العسكرية، و معظم الإدارات المالية، تعتبر حكرا على الاسرة الضيقة او العشيرة الإثنية. صحيح ان في المجال الديبلوماسي ( أي السفارات و المنظمات الدولية)، دائرة التصعيد أوسع من ذالك قليلاَ، لكنها لا تتعدى حدود المنطقة الشمالية الكبرى ذات الطابع الاجتماعي العربي/الإسلامي، مما يؤجج جمرة الفرقة الوطنية ، تلك الجمرة التي لا زالت كامنة تحت الرماد، منذ عهد الإستقلال
فنظراَ لكل هذه المعوقات الذاتية و الموضوعية ، هنك سؤال يطرح نفسه : ما هو الهامش المتاح للرئيس المنتخب ؟ رأيي الشخصي، بحكم إحتكاكي به كأحد الزملاء الشبان، أيام التصدعات التشادية في ثمانيات القرن الماضي، ان لديه من الخصال الإنسانية و الثقافية ، ما يؤهله لإنجاز المهمة، رغم كل الأعباء المذكورة.
صحيح ان النظام السائد في تشاد كرس منهج تشويه و إفساد كوادر الدولة، و لكن من الملاحظ ان السيد/موسى فقيه/ استطاع ان يظهر ثبات السجية و ضبط النفس في مسرحية السلطة، و انه لا يتفاخر بانتمائه العشائري و إمتيازاته السياسية
من الناحية النظرية، مهمة رئيس اللجنة الإفريقية تتمثل في أخذ المبادارات و رسم خطوط سير المنظمة، و لكن في الواقع، الكل يعرق ان تلك المهمة لا تتجاوز محاولة « توفيق اللا متوافقات »، بداَ بنزوات رؤساء الدول، إلى المشاداة بين الحكومات و تصادم التصورات حول القضايا الأساسية
لا أشك في أنه يستطيع أن يتفادى المواجهات و يحافظ على شعرة معاوية ، لأنه مفاوض يمتاز بالدقة و طول النفس و الاسلوبية.
غير أن هذه الإيجابيات وحدها لا تكفي. ذالك و ان القارة تواجه تحديات من العيار الثقيل، مثل التمويل الذاتي ( راجع/ مقترح الرئيس السابق للبنك الافريقي/ السيد كابيروكا/ في اقرار ضرائب خاصة بالاتحاد الافريقي)، و الاحتقان المؤسسي في كل من بروندي و الكونغو الديمقراطية والغابون، وانهيار أركان الدولة في كل من الصومال و ليبيا و السودان الجنوبي، و تصاعد التبعية العسكرية تجاه فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، و تعثر النهضة الاقتصادية
فبالنسبة لهذه التحديات الخطيرة، لا يستطيع رئيس اللجنة فعل الكثير، ما لم تبدي الأطراف المعنية المحلية و الخارجية، نية قوية و صادقة. و لكن هناك تحديات قد تـُـصف بالخفيفة، ليس لأنها أقل أهمية بل لأنها تستدعي استعمال ما يسمى بالقوة الناعمة، باستخدام الإعلام و الحملات التوضيحية، استخداما ذكيا، و تعبئة المجتمع المدني بمفهومه الواسع، الذي ينطوي على الحراك المدني بطبيعة الحال و كذالك رجال الأعمال و الخبراء و الأكاديميين و الفنانين و المبدعين و حتى الزعامات الدينية. و في هذا الصدد ينبغي البدء بالأشياء البسيطة مثل الحملات للإسراع في المصادقة على المواثيق التي تم إبرامها مسبقا، و متابعة ترجمتها على أرض الواقع. الأمر الذي يستلزم من الرئيس الجديد ان ينزع البدلة و الكرافاتة الملائمة للدبلوماسي المرموق و ان يرتدي جُـبة المناضل القومي الأفريقي. و هذا في حد ذاته سوف يعتبر خطوة مقدرة ( بقلم

الشيخ ابن عمر ـ Acheikh IBN-OUMAR
Pingback: Union Africaine : l’ardue mission de Moussa Faki | YEDINA : BLOG D'ACHEIKH IBN-OUMAR·